ظن طاهر عبدالمطلوب أن طريق وصوله لحاشية الباشا مكلل بالورود فبذل جهده واللازم من كرامته ليطأ العتبة لكنه لم يصل.
غيّر من مظهره، لمّع قرعته وأجاد في رسم حدود وجهه وأبدل القماش المخلوط بقطن سويسريٍ جيد الغزل مع حذاءٍ تفوق جودة جلده المدبوغِ جلد مستخدمه.
لكنه لم يصل.
غير من طريقة حكيه . استخدم أعلى طبقاتِ صوته الرخيم زيادة في الفخامة حسب ظنه. حتى أنه تبرأ من لهجته التي نشأ عليها وأبدلها بأخرى تفنن في تشويهها. والتصقت مسبحة الكهرمان بيده حتى صارت عضوًا حيويًا من جسده المترهل.
لكنه لم يصل.
ولما غالبه اليأس راح يقدم رفاق عمره كقرابين طلبًا لرضى الباشا المنعم ساردًا على أدنى فردٍ من حاشيته تقارير جل ما فيها اختلاقٌ لمصائب على مقاس من خانهم ليفسح لروحه العطنة مجال الارتقاء.
غير أنه لم يرتق.
استوعب بعدها بُعد المسافة بينه وبين مراده وأصابه الكدر بعد تذكر تضحياته.
أبصر هيئته فأنكرها وبحث عن كرامته المراقة على طول الطريق فلم يجد شيئًا من بقاياها.
واختنق بشعور الوحدة التي سلك طريقها بإرادته، ولما أنتوى الرجوع لم يقدر. وبحث عن آثار سيره علّها تهديه لنفسه القديمة فتنكر له الطريق بمحو ذاكرته وعفّر وجهه بترابه شامتًا.
ولما أدرك التيه قرر انهاء قصته في مكانه فلم يجسُر بعد أن اكتشف بأنها كتبت على هامش الحياة بقلمٍ جفّف حبره تعففًا من تخليد التفاصيل فلم تُسطر.
إبداع في السرد وجمال في الحبكة وتشويق في الأحداث
شكرا شكرا على كل شيء