دبوس شعر
قصاصات ورقيةٌ ومِشبك غسيل .
اختفت هذه الأشياء ضئيلة الحجم تباعًا.
لم يعد دبوس الشعر موجودًا على سطح الكومودينو حيث كان. ارتخى حبل الغسيل المشدود من فرط جذبِ المشبكِ المتشبثِ به وأضحت صفحات جريدةِ اليومِ منزوعة الزوايا .
أركض في ردهة المنزلِ داسًا يدي في جيبي وترتسم على فمي الصغيرِ ابتسامةٌُ ماكرة. أفتح أبواب الغرفِ بحثًا عن واحدةٍ خاليةٍ للانفراد بغنائم اليوم حتى إذا وجدت ضالتي انكفأت على الأرض مختبأً تحت منضدةٍ أوكرسيٍ أو ما تيسر من أثاثٍ يظللني.
ثم أفرد دبوس الشعرِ بجانبِ القصاصاتِ الورقيةِ ومشبكِ الغسيل وألقي عليهم نظرةً أخيرةً تجردهم من أدوارهم التي اعتادوا عليها قبل تكليفهم بالمهام الجديدة.
يقوم دبوس الشعرِ بدورِ طفلٍ شقيٍ يلعبُ في الشارعِ بينما يؤدي مشبكُ الغسيلِ دور والدهِ الحنون الذي يخشى على ابنه من الضياع وسط المارة . لطالما أجادت القصاصات الورقيةُ دور الكومبارسِ في كل مرةٍ رغم أحلامهم المتمثلةِ بدورٍ رئيسيٍ في يومٍ من الأيام.
تجمعهم يدي من جديدٍ بعد نهايةِ حكايةٍ اليومِ لوضعهم في مكانٍ يليقُ بفنانين عظماء من أمثالهم تحت المخدة أو في الزاوية المنسيةِ من دُرجِ الألعاب وربما تحت سجادةِ الغرفة.
ولما كبرت وجدتني أُبدّل دبوس الشعرِ والقصاصاتِ والورقيةِ ومشبك الغسيلِ بورقةٍ وقلمِ رصاصٍ أخذ وقته قبل أن يسلم الراية لقلمِ الحبر الذي ناولها بدورهِ للوحةِ المفاتيح.
غير الوقتُ من الأدواتِ ووقف عاجزًا عن تغيير روح القاصِ الصغير التي تسكنني.
في هذه المدونةِ ستجد شيئًا من تلكِ الحكاياتِ التي رافقتني منذ الطفولة، وأرجو أن تأخذك الكلمات إلى عوالمها كي تراها كما آمل.
شكرًا لك على وقتك.
أنا عبدالرحمن ربيحان